الصفحة الرئيسية
>
آيـــة
{وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} مع أن التراب عنصر لا حياة فيه، والنطفة عنصر فيه الحياة فقد حدثت المعجزة الأولى التي هي معجزة هذه الحياة التي لا يعلم أحد كيف جاءت، ولا كيف تلبست بالعنصر الأول. هذا والنقلة من غير الحي إلى الحي نقلة بعيدة بعيدة، أكبر وأضخم من كل أبعاد الزمان والمكان. والنقلة بعد ذلك من النطفة التي تمثل مرحلة الخلية الواحدة إلى الخلقة الكاملة السوية للجنين، حين يتميز الذكر من الأنثى، وتتحقق الصورة التي يشير إليها القرآن في هذه الآية: {ثم جعلكم أزواجاً} هذه النقلة من النطفة إلى هذين النوعين المتميزين نقلة بعيدة كذلك.
{وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه}.
إن النص يتجاوز إناث الإنسان إلى إناث الحيوان والطير والأسماك والزواحف والحشرات. وسواها مما نعلمه ومما لا نعلمه وكلها تحمل وتضع حتى ما يبيض منها، فالبيضة حمل من نوع خاص. وعلم الله شامل لكل حمل ولكل وضع في هذا الكون المترامي الأطراف!!!
وتصوير علم الله المطلق على هذا النحو العجيب ليس من طبيعة الذهن البشري أن يتجه إليه لا في التصور ولا في التعبير. فهو بذاته دليل على أن الله هو منزل هذا القرآن. وهذه إحدى السمات الدالة على مصدره الإلهي المتفرد.
{وما يعمر من معمر ولا ينقص عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير}
فإن الخيال إذا مضى يتدبر ويتتبع جميع الأحياء في هذا الكون، ثم يتصور أن كل فرد من أفراد هذا الحشد الذي لا يمكن حصره، ولا يعلم إلا خالقه عدده_ يعمر فيطول عمره، أو ينقص من عمره فيقصر وفق قدر مقدور، ووفق علم متعلق بهذا الفرد، متابع له، عمر أم لم يعمر..كل ذلك {في كتاب} من علم الله الشامل الدقيق، وأن ذلك لا يكلف جهداً ولا عسراً: {إن ذلك على الله يسير}.
المزيد |